د. ريحان إحياء السياحة الدينية والثقافية والعلاجية بسيناء ضرورة لتنمية وتعمير سيناء

أخبار مصر


ضمن فعاليات المؤتمر الدولى الأول لتنمية سيناء بجامعة القاهرة فى الفترة من 16 إلى 18 يناير تحت عنوان (تنمية سيناء من أجل مصر الحديثة) قدم د. عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بسيناء ووجه بحرى مشروع قومى لإحياء الطرق التاريخية بسيناء أثار إعجاب كل الحاضرين ومنهم ممثلين للحكومة المصرية ومنهم المهندس نبيل حفنى رئيس الإدارة المركزية للبحوث والتخطيط بالمركز الوطنى لتخطيط استخدامات أراضى الدولة التابع لرئاسة مجلس الوزراء حيث دعى لاستغلال كل المقومات السياحية بسيناء كسياحة متكاملة بإحياء الطرق التاريخية الدينية والتجارية والحربية بسيناء

وأشار ريحان إلى أن أرض سيناء تشمل عدة طرق تاريخية حربية - تجارية - دينية تخترقها من الشرق للغرب وما زال بعضها مطروقاً إلى اليوم ولو تم استغلال هذه الطرق الاستغلال الأمثل لكانت سيناء هى المخرج لكل مشاكلنا الإقتصادية والمشروع القومى لمصر وهذه الطرق حسب التسلسل التاريخى طريق سيتى الأول الشهير بطريق حورس وطريق خروج بنى إسرائيل وطريق العرب الأنباط وطريق الحج المسيحى ويشمل طريق العائلة المقدسة و درب الحج المصرى القديم إلى مكة المكرمة و الطريق الحربى لصلاح الدين بسيناء

وتعتبر هذه الطرق منظومة حضارية متكاملة تشمل الآثار والتراث الشعبى السينائى والجبال بأنواعها وأشكالها المبهرة من منحوتات صنعتها الطبيعة تفوق فى جمالها أعمال أعظم الفنانيين ووديان تحوى داخلها عيون مائية ونباتات نادرة ونقوش أثرية لكل الحضارات التى تعاقبت على سيناء و مياه كبريتية ونباتات طبية أما طريق سيتى الأول الشهير بطريق حورس فهو الطريق الحربى الممتد فى سيناء من ثارو (القنطرة) حتى مدينة رفح واستخدم هذا الطريق منذ أيام الدولة الوسطى (2133-1786ق.م.) وطول هذا الطريق 150كم و طريق خروج بنى إسرائيل يمثل قيمة لكل الأديان حيث وردت قصة نبى الله موسى وبنى إسرائيل فى عدة سور بالقرآن الكريم

ولقد كرّم الله سبحانه وتعالى جبل الطور وجعله فى منزلة مكة والقدس {والتين والزيتون وطور سينين وهذا البلد الأمين} التين 2 ، 3 والتين والزيتون ترمز للقدس وطور سينين وهو جبل الطور بسيناء والبلد الأمين هى مكة المكرّمة ولهذا الطريق مكانة خاصة فى المسيحية حيث ذكرت الوثائق التاريخية أن المبانى الدينية المسيحية بسيناء كالأديرة والكنائس بنيت فى محطات هذا الطريق تبركاً بهذه الأماكن

وخصوصاً أشهر هذه الأماكن وهو دير طور سيناء الذى أطلق عليه دير سانت كاترين فيما بعد وهو أهم الأديرة على مستوى العالم لوقوعه فى هذه البقعة المقدسة كما بنى جامع شهير فى العصر الفاطمى داخل دير سانت كاترين تبركاً بالوادى المقدس كان يزوره الحجاج المسلمون وترك كتاباتهم على محراب الجامع وإختلفت الأراء حول تحديد محطات طريق خروج بنى إسرائيل فى سيناء ولكن هناك بعض الشواهد الباقية حتى الآن تتفق مع ما ذكر فى القرآن الكريم ومنها منطقة عيون موسى 35كم جنوب شرق السويس

وهناك طريق للعرب الأنباط بسيناء وكشف به عن آثار عديدة للأنباط بسيناء كالفرضة البحرية المكتشفة بدهب الخاصة بميناء دهب البحرى والتى تشرف على خليج العقبة وتبعد عن طابا 140كم جنوبا وكان هناك طريق للأنباط من أيلة (مدينة العقبة الآن) على رأس خليج العقبة إلى ميناء دهب ومنها يتوغل لداخل سيناء براً إلى وادى فيران ماراً بجبل موسى ومن وادى فيران عبر عدة أودية إلى ميناء القلزم (السويس) ثم براً حتى نهر النيل ومنه للإسكندرية ومنها لأوربا ولقد وجدت بأودية سيناء مئات النقوش ومناظر للحيوانات التى دجّنوها أو التى كانوا يصطادونها وصور لجمال وفرسان ومناظر صيد وطيور مختلفة وهناك طريقان مشهوران للحج المسيحى بسيناء طريق شرقى وطريق غربى الطريق الشرقى هو للحجاج القادمون من القدس إلى جبل سيناء ويبدأ من القدس إلى أيلة (العقبة حالياً) ومنه عبر عدة أودية إلى جبل سيناء وطول هذا الطريق حوالى 200كم من أيلة إلى الجبل المقدس (منطقة سانت كاترين حالياً)


أما الطريق الغربى فيبدأ من القدس عبر شمال سيناء وشرق خليج السويس إلى جبل سيناء وطول هذا الطريق من القدس إلى القلزم 245كم ومن القلزم حتى جبل سيناء 130كم فيكون الطريق من القدس إلى جبل سيناء 375كم علاوة على طريق الحج الإسلامى الذى يبدأ من منطقة بركة الحاج (تقع شرق المرج) ثم قلعة عجرود ثم يمر بعدة أودية حتى يصل لقلعة نخل بوسط سيناء ، بئر التمد إلى دبة البغلة وبها نقش الغورى الشهير عن إعماره طريق الحج بسيناء والعقبة والحجاز


ومنها إلى منطقة النقب ثم سطح العقبة حتى يصل لقلعة العقبة ومنها عبر الأراضى الحجازية إلى مكة المكرمة وما يزال الطريق البرى مستخدم حتى الآن بالسيارات من القاهرة- السويس-نخل-الثمد-النقب-نويبع ثم الإبحار من ميناء نويبع للعقبة ومنها لمكة المكرمة ولولا احتلال إسرائيل لفلسطين لإستمر هذا الطريق كسابق عهده وهناك طريق حربى فى العصر الأيوبى اتخذه صلاح الدين عبر سيناء لقتال الصليبيين وكان يسلكه فى غزواته بالشام وأنشأ عليه مراكز محصّنة ونقاط حراسة وبنى قلعته برأس سدر (قلعة الجندى) وقلعته بجزيرة فرعون بطابا لتأمين هذا الطريق هذا ولقد بذلت مناطق آثار سيناء شمالها وجنوبها مجهودات ضخمة فى كشف محطات هذه الطرق

وقدم ريحان رؤيته لتطوير هذه الطرق ومنها منطقة عيون موسى بالتعاون بين وزارة الآثار والسياحة ومحافظة السويس وجنوب سيناء على أن تقوم أولاً هيئة علمية للإستشعار عن بعد بتحديد مواقع العيون الإثنى عشر ثم يتم رفع الرمال حول هذه العيون للوصول للمنطقة الصخرية التى تفجرت فيه العيون بنص القرآن الكريم لكشفها وترميمها وتطويرها ولو تم ذلك لكان أعظم اكتشاف هذا القرن وسيكون له مردود إعلامى عالمى يمكن استغلاله فى جذب استثمارات جديدة بسيناء واستغلال منطقة سانت كاترين بعمل مشروع صوت وضوء فى الوادى المقدس يحكى قصة الخروج وما تمثله من قيمة لكل الأديان و عمل شبكة تيليفريك لربط الجبال بعضها ببعض ورؤية الوادى المقدس من أعلى للإستمتاع بجمال وجلال هذه المنطقة وعمل قاعة للمؤتمرات مجهزة لاستضافة مؤتمرات عالمية سياسية وثقافية مستفيدين بقيمة الموقع وشهرته عالمياً

كما دعى ريحان لاستغلال شبكة الطرق الخاصة بالعرب الأنباط وأوديته التى تحوى نقوش ومقابر أثرية قديمة وعيون طبيعية و آبار مياه ونباتات طبية نادرة وقرى بدوية فى السياحة الثقافية والعلاجية والسفارى والتعايش مع المجتمعات البدوية على طبيعتها

كما يمكن الاستفادة من نظم الرى عند الأنباط التى اعتمدت على مياه الأمطار وتخزينها فى خزانات خاصة تستقبل مياه السيول بدلاً من أن تصبح قوة مدمرة تقضى على الأخضر واليابس وتعيق التطور العمرانى والسياحى بسيناء علاوة على أن معظم المنشئات السياحية ستعتمد على هذه المياه كمياه صالحة للشرب والزراعة .

ويمكن جذب استثمارات عربية لإحياء هذا الطريق الذى يمثل إحياء للحضارة العربية قبل الإسلام وتشترك عدة دول عربية فى وجود آثار للعرب الأنباط بها كمصر والأردن والسعودية وسوريا وتعتبر البتراء بالأردن من أهم المزارات السياحية ويمكن لهذه الدول أن تكون لها برامج سياحية مشتركة واتفاقات معينة تتيح للسائح زيارة كل معالم هذا الطريق الذى يحوى علاوة على السياحة الثقافية كل مقومات السياحة الأخرى.

وبخصوص طريق الرحلة المقدسة إلى القدس عبر سيناء طالب ريحان بعمل منتجات خاصة مرتبطة بهذا الطريق ولها أصول تاريخية وتمثل قيمة دينية لرواد هذا الطريق مثل قنانى الحجاج أو قنانى القديس مينا وهو القديس المصرى الذى رفض عبادة الإمبراطورية الوثنية فى عهد دقلديانوس ورفض السجود للآلهة وخرج إلى الصحراء متوحداً وقضى زمناً طويلاً ثم قبض عليه وتعرّض للتعذيب ثم قطعت رأسه بالسيف ودفن بالإسكندرية ولما انقضى زمن الإضطهاد نقلت رفاته إلى المكان الذى يحمل اسمه الآن بمريوط وذلك على أثر رؤيا ظهرت للبطريرك فى ذلك الوقت بأنه أثناء حمل الجسمان من الإسكندرية توقف الجمل الذى يحمله فى مكان معين ولم يتحرك حتى بعد أن استبدلوا الجمل بآخر لم يتحرك أيضاً لذلك دفنوه فى هذا المكان بمريوط حيث شيد الدير وشاعت شهرة تلك المنطقة فى جميع أنحاء العالم وجاء الحجاج لزيارة قبر القديس لنيل البركة وطلب الإستشفاء ، وكان يوجد بالقرب من قبره بئر يأخذ الحجاج من مائها فى أوانى خاصة كانت تصنع من الفخار فى مصانع بالمنطقة وعليها صورة القديس بارزة ، وكانوا يعتقدون أن تلك المياه تشفى من أمراض العيون وهذه الأوانى التى كان يحملها الحجاج المسيحيون ممتلئه بالماء عند زيارة القديس مينا بواسطة خيوط تربط بين العنق والأذنين كما يمكن عمل نماذج للأدوات والملابس الخاصة المستخدمة فى القداس داخل الكنائس واللوحات الفنية والأيقونات .

وبخصوص درب الحج المصرى القديم عبر سيناء إلى مكة المكرمة أوضح ريحان أن هذا الطريق يمثل قيمة لكل العالم الإسلامى وكان هذا الطريق قديماً يرتبط بنشاط تجارى كبير حيث يقام فى محطات هذا الطريق فى نخل والعقبة أسواق تباع فيها الأقمشة والمأكولات من الدول العربية المختلفة ويمكن استغلال هذه المحطات كأسواق حرة يباع فيها زى الإحرام والمنتجات المختلفة الذى يحرص الحاج على شرائها كهدايا من ملابس ومفروشات وأجود أنواع التمر والعسل وقمر الدين وغيرها من منتجات الدول العربية المختلفة ويمكن إحياء محطات الطريق بتطويرها وإقامة مصانع للنسيج ومنتجات غذائية قائمة على ما تجود به خيرات الأرض فى الدول لعربية وعمل نماذج للمحمل الشريف وعمل رياضات الهجن والرياضات العربية المختلفة وستكون هذا المحطات مواقع للزيارة لكل الجنسيات كجزء من خطة إحياء السياحة الدينية بسيناء وأن هناك علامة خاصة تحدد معالم هذا الطريق بوسط سيناء بين نخل والنقب عبارة عن نقش على الصخر للسلطان الغورى صاحب اليد الشريفة فى إعمار طريق الحج بسيناء والعقبة والحجاز (1501-1516م) عبارة عن آيات قرآنية ونص عن إعماره طريق الحج ورنك خاص للسلطان الغورى وقام المجلس الأعلى للآثار بحمايته بعمل سور بشكل إسلامى حوله يتوقف عنده معظم الحجاج والمعتمرين فى طريقهم لمكة المكرمة ويمكن استغلال هذا الموقع بشكل جيد كسوق تجارى ومزار سياحى هام بتطوير المنطقة حوله .