محكمة تونسية ترجئ النظر فى قضية قناة "نسمة" بعد بثها فيلم "بلاد فارس" المثير للجدل

عربي ودولي


قررت المحكمة الابتدائية بتونس العاصمة اليوم، الاثنين، تأجيل البت في القضية المتعلقة بالقناة التليفزيونية التونسية الخاصة نسمة تي في على خلفية بثها الفيلم الإيراني بلاد فارس (Persepolis) الذي أثار جدلا وتسبب فى أعمال عنف خلال شهر أكتوبر الماضي لتضمنه مشاهد اُعتبرت تجسيداً للذات الإلهية..

وحددت هيئة المحكمة يوم 19 إبريل المقبل لاستئناف النظر بالقضية، وذلك تلبية لطلب تقدم به محامي الجهة المدعية إلى القضاء.

وكانت المحكمة الابتدائية بتونس العاصمة قد استأنفت اليوم الاثنين النظر فى القضية، حيث حضر إلى قاعة المحكمة نبيل القروى، مدير قناة نسمة تي فى ، مصحوباً بعدد من الشخصيات السياسية، ومن المجتمع المدنى، يتقدمهم رئيس الحكومة التونسية السابق الباجى قائد السبسى.

ويواجه مدير قناة نسمة تى فى التونسى بهذه القضية عدة تهم منها، المشاركة في النيل من الشعائر الدينية ، و عرض شريط أجنبي على العموم من شأنه تعكير صفو النظام العام والنيل من الأخلاق الحميدة .

واعتبر محسن مرزوق، الأمين العام للمؤسسة العربية للديمقراطية، الذي حضر إلى المحكمة بصحبة البعض من الأمناء العامين لعدد من الأحزاب التونسية لمساندة نبيل القروي، أن المحاكمة تدق ناقوس الخطر بالنسبة لحرية الرأي والتعبير والإبداع .

وقال مرزوق ليونايتدبرس أنترناششيونال: إن من يُحاكَم اليوم هي الثورة التونسية، ذلك أن الثورة في تونس قامت من أجل الحرية، واليوم تحاكم الحرية، وكما أن الثورة قامت من أجل العدالة الاجتماعية، وما يجرى اليوم هو عملية تشويش على هذا الهدف الأساسي للثورة .

ومنعت قوات الأمن التونسية الإعلاميين من تغطية هذه المحاكمة، فيما تجمع أمام المحكمة العشرات من السلفيين، رافعين الأعلام السوداء التي تدعو إلى الخلافة الإسلامية، وهتفوا بشعارات تنادي بوقف بث القناة التليفزيونية نسمة تي في ، منها الشعب مسلم ولا يستسلم ، و الشعب يريد إغلاق القناة .

ووصف المشاركون في الوقفة الاحتجاجية قناة نسمة تى فى بأنها مأجورة، وصهيونية ، كما لم يترددوا فى الاعتداء على بعض الإعلاميين، منهم رئيس تحرير صحيفة المغرب زياد كريشان، والناشط الحقوقي حمادي الرديسي.

جدير بالذكر أن النيابة العامة في العاصمة قررت في 10 أكتوبر الماضي فتح تحقيق قضائي حول إقدام القناة التليفزيونية نسمة تي في على بث الفيلم الإيراني المثير للجدل بلاد فارس الذي تسبب أمس الأحد في اندلاع أعمال شغب وعنف في تونس العاصمة وضواحيها.

وجاء هذا القرار إثر شكاوى تلقتها النيابة العامة من عدد من المحامين والمواطنين بخصوص المسألة المذكورة، اعتبروا فيها أن في بث قناة نسمة تي في التليفزيونية الفيلم الإيراني ازدراءً بالمقدسات الإسلامية ، باعتبار أن الفيلم المذكور تضمن تجسيدًا للذات الإلهية ، كما حملوها مسؤولية أعمال الشغب والعنف التي شهدتها تونس العاصمة أمس.

وكانت القناة التليفزيونية الخاصة نسمة تي في قد بثت قبل انتخابات أكتوبر الماضي الفيلم الكرتوني الإيراني المثير للجدل الذي يحمل اسم بلاد فارس (Persepolis)، وتمت دبلجته باللهجة العامية التونسية.

ويروي الفيلم للمؤلفة والمخرجة الإيرانية مارجان ساترابي، قصة فتاة إيرانية من أسرة متحررة تعيش أجواء الثورة الإسلامية فى إيران التي قادها الإمام الخميني، والتي أطاحت بنظام الشاه محمد رضا بهلوي في عام 1979.

وأثار بث الفيلم ردود أفعال غاضبة في الشارع التونسي، حيث عمد عدد من السلفيين إلى محاولة اقتحام مقر القناة التليفزيونية المذكورة بهدف حرقه، مما دفع قوات الأمن إلى التدخل باستخدام القنابل المسيلة للدموع لتفريقهم.

كما عمدوا أيضا إلى محاولة اقتحام منزل نبيل القروى، مدير قناة نسمة تي في ، وأضرموا النار فيه على خلفية عرض الفيلم المذكور، فيما اتسعت رقعة الاحتجاجات لتشمل بعض الأحياء في ضواحي تونس العاصمة، تخللتها اشتباكات بين قوات الأمن وعناصر سلفية متشددة لم تتردد في قطع الطرقات بالإطارات المطاطية المشتعلة، ورشق قوات الأمن بالحجارة.

يشار إلى أن قناة نسمة تي في هي ثاني قناة تليفزيونية خاصة في تونس، وهي برأسمال تونسي- إيطالي، يشارك فيها إلى جانب مديرها نبيل القروي وشقيقه كل من المنتج السينمائي التونسي طارق بن عمار ورئيس الوزراء الإيطالي السابق سيلفيو برلسكوني.