عاطف حسانين يكتب : إبراهيم عيسى بين العباسيين في العباسية والأمويين في التحرير!

مقالات الرأي



دأبت بعض الصحف، وبعض كتابها الكبار الذين أخذوا على عاتقهم كتابة تاريخ مصر الحديث بعد الثورة أن يقسموا المواطنين المصريين إلى فئتين..

فئة حزب الكنبة أو العباسيون كما يطلقون عليهم

وفئة الثوار الأحرار الأبرياء الأنقياء، الذين أهدوا لمصر الحرية وعلموهم الكرامة!

فإذا كانوا يطلقون على الغالبية العظمى من الشعب المصري حزب الكنبة والعباسيين المرضى، كما يقول الأستاذ ابراهيم عيسى في مقاله المنشور الجمعة الماضية بجريدة التحرير، مستعينا في مقاله بآراء بعض الأطباء النفسيين الذين يطلقون على المجلس العسكري وعباسيته بأنهم مرضى نفسيين فهل يحق لنا ونحن لا نحيي هذا الرأي ولا نثمنه، ولا نقيم له وزنا أن نقول عن ثواره الأبرياء الذين يخربون ويحرقون ويبحثون عن نصيبهم من كعكة مصر أنهم الأمويون في العصر الحديث!

إذن فانطلاقا من تصنيفهم هذا يمكننا القول بأن فالمتظاهرين المرضى والذين يحبون الطغيان ويستسلمون للعسكر هم العباسيون!

والثوار الذين لا يتوانون عن فعل شيء في سبيل نصيبهم من الحكم يقبعون في التحرير وأمام مجلس الوزراء هم الأمويون!

إن الأستاذ ابراهيم عيسى أحد الكتاب المناضلين قبل الثورة، وأثناءها، لكن هذا لا يمنع أن نختلف مع آرائه في مرحلة ما بعد الثورة، فالعباسيون الذين يصفهم أستاذنا بالمرضى وينوه بالسخرية عنهم في أغلب مقالاته، مهما اختلفنا معهم في الرأي والتوجه، هم مصريون مثله وقد لا يقلون وطنية عنه، وقد يكون منهم من يريد صالح هذا البلد أكثر مني ومنه، غير أنه اتخذ موقفا ساخرا مهينا لهم وكأنه يعود بنا لديكتاتورية الرأي التي كان يستهجنها أيام مبارك.

هؤلاء العباسيون وحزب الكنبة رفعوا صورة هذا المناضل ابراهيم عيسى في عباسيتهم باعتباره أحد الوجوه والكتاب الذين جعلتهم يكرهون الثورة، ألم يفكر أستاذنا ما الذي حمل فئة من المصريين على رفض أسلوبه بعد الثورة؟

إن رسالتي لأستاذي العزيز ولكل من نهج نهجه من كتابنا، ان لا تستهينوا بأعضاء حزب الكنبة فهم الذين انتخبوا الإخوان والسلفيين نكاية فيهم وفي الليبراليين الحنجوريين الذين صدعونا عبر فضائياتهم بالمحاكمات، وسجنونا في نفق الماضي ولم يتركوا الوطن يخطو خطوة واحدة للأمام.. وقولي لهم أن احذروا من هجوم أقلامكم على القوات المسلحة ..

إنكم أيها الساده بدأتم بالهجوم على المجلس العسكري، وبررتم ذلك بأنه الآن ليس مجلسا عسكريا بل هو يقود البلاد سياسيا ومن حقنا وحقكم الاختلاف معه، وهذا أمر لا خلاف عليه، لكنكم حتى في هذه لم تراعوا أدبا في الحوار ولا تقديرا لعمر ولا اعتبار لمصلحة وطن..بل أخذتم تسبون القادة بأفظع انواع السب، وقُدتم الشباب الثوري إلى ألا يحترموا صغيرا ولا كبيرا؛ حتى مقتهم الناس واعتبروهم لا يختلفون في دكتاتوريتهم كثيرا عن مبارك وأعوانه الذين يقبعون الآن في السجون.

أما اللعبة القذرة التي لعبها البعض ككارت أخير لإحراج المجلس العسكري فكانت هي استفزاز القوات المسلحة.. استفزاز الجنود والضباط فإذا ما ردوا على سبابكم وسباب المتظاهرين الأنقياء، الذين تقف الواحدة منهم أمام الضباط والجنود لينعتهم بأسوأ وأبشع الألفاظ، قلتم إن المجلس العسكري يقود الجيش للعار وأن عليه تسليم السلطة!

إن اعتبار المجلس العسكري خصما للقوة السياسية ليس في صالح هذا البلد

ومسألة أن المجلس الاعلى سلم البرلمان للإخوان والتيار الديني التي تكلم عنها أستاذي ابراهيم عيسى أمر مردود عليه، ليس دفاعا عن المجلس العسكري الذي ربما طمع مثل كل الأحزاب والتيارات في الحكم، وبدا أنه ماطل وسوّف، ولكن لأن الحقيقة أن أصحاب التيار الديني تركوكم في منابركم الإعلامية تنهشون في لحوم حزب الكنبة والعباسيين والمجلس، وذهبوا ليقدموا العون للفقراء والبسطاء، ثم إنهم بحنكتهم ترفعوا عن اتهام الناس وسبه؛م فباتوا في نظر الغالبية العظمى أنقى منكم لسانا، وأقرب رحما.

إنني أخرج من حديثي للأستاذ ابراهيم إلى ما هو أهم وأبقى..

إن صورة القوات المسلحة أصبحت رهينة.. وأخذ أعداء مصر يصفون قواتنا المسلحة بأنها قوات العار، وبعضنا يهلل فرحا أن المؤامرة نجحت، وأنا أحذر من أن هكذا نتيجة ستأتي بالوبال على هذا البلد.

قواتنا المسلحة من أشرف وأطهر وأشجع جنود الأرض..

فكفوا عن استفزازهم.. وعن الطعن فيهم؛ فليس هناك دولة في العالم مهما بلغت ديمقراطيتها، يستطيع فئة من شعبها منع رئيس وزرائها عن دخول مكتبه ولو كانوا يقبعون تحت تمثال الحرية الذي تولون وجوهكم نحوه.

وتذكروا أن نبل الغاية في خروج العسكر من الحكم لا يبرر لكم الوسيلة.

أنتم توقعون الجيش في نكسة أسوأ من نكسة 67.. وستتسببون في انخفاض الروح المعنوية لهم تماما كأيام النكسة، فنكسوا أقلامكم وفضائياتكم البائسة عن قواتنا المسلحة، فليس بعد سقوطها من درع لهذا البلد الأمين.

فإن استمررتم في الحديث بسوء عن جنود قواتنا المسلحة، فستدفع مصر كلها ثمن ذلك، وتذكروا أن إسرائيل أجرت استطلاع رأي منذ أيام عن بقاء المعاهدة بيننا وبينهم، فكان أكثر المتفائلين من الإسرائيليين يقول إنها ستة أشهر..

المواجهة بيننا وبين العدو الأصلي قادمة لا محالة، فبالله عليكم يا من تشوهون صورة قادتنا وضباطنا وجنودنا بمن ستواجهون إسرائيل؟

بأقلامكم المسنونة؟

أم بأحزابكم المهترئة؟

أم بالمرضى من حزب الكنبة والعباسيين؟

أم بالأمويين الذين يفترشون الأرض في التحرير؟

أم الأولى بنا في هذه المرحلة أن نتوحد ونتكاتف لنصل معا بمصرنا إلى بر الأمان؟

المقال يعبر عن رأي كاتبة ولا يمت بصلة لرأي الموقع