ربيع جودة يكتب مسلسل صيني بالعربي (1)

مقالات الرأي

بوابة الفجر


بين جحافل الظلام يجلس  سونج ككل ليلة منذ فقد ابنته في ساحة القتال وهو في طريقه عائدا من بلدته شرقي الصين.. يذكر زوجته ليان.. التي كانت تحمل بين جفنيها حسنا يطفئ بهاء الشمس.. وجمالًا يعجز عن تكراره الدهر.. كالنسيم إن تنفس الصبح.. وكالنور إن جن الليل.. ساحرة الطلة.. تتهافت عليها غصون الزهر.. حين تهرول فى جنبات الحقل تطارد الفراشات الكحيلة. فلا تري لإحداهن علي الأخريات فرق.. وكان سونج يعمل في أحد المناجم التي يملكها الامبراطور.. وفي صباح غائم.. لم يحمل سوي بصيص الضوء.. نادي مناد أن استعدوا.. سيمر موكب بن الامبراطور علي مقربة منكم.. وما هيا إلا دقائق.. وإذا بسمو الأمير بين أيديهم.. وكان شديد التواضع.. علي غير عادة الأمراء.. حتي أنه نزل بواديهم يتفقد المنجم.. ويقترب من حافة الخندق  فإذ بقدمه تنزلق.. ليسقط داخله.. وهاج الكل وماج.. وانفطرت قلوب الحاضرين.. وقفز سونج وكان أقربهم إلي حافة المنجم.. ملفوفا بحبل كان علي جانبه.. ونزل فأخرج الأمير.. وقد نجا من هلاك محقق.. وهنا يقرر الامبراطور.. مكافئة سونج.. بأن دعاه وابنته وزوجته إلى القصر.. لتقضي الأسرة يوما كاملا.. في زيارة تكريم.. لكن ما إن رأي الامبراطور زوجة سونج.. حتي فتن بها.. وبالغ في التحية.. وأمر بمد الاستضافة إلي ثلاثة أيام.. لم يستطع سونج سوي القبول.  وقد رأي في عين زوجته ليان.. أن يكافئها بالعيش في بلاط القصر..ولو لأيام قليلة.. فجدير بها أن تعيش كملكة.. وكيف تكون الملكات إن لم تكن زوجته..لكنه لم يكن يدرك قبح نيته.. حتي إذا عسعس الليل.. عزفت المقطوعات.. واصطف الخدم والحشم.. ووضعت الزينات.. وضجت الانوار.. وفاحت العطور..  وخرج  الامبراطور في زينته يحمل يد زوجته الملكة  ليتقاسما العشاء معهم.. يجلس الجميع في مهابة.. ويشير الامبراطور بأصبعه.. فإذا بصندوق يوضع بين يدي ليان.. فيقول الامبراطور.. افتحيه أيتها الجميلة.. وما إن رفعت الغطاء حتي كادت تُغشَي.. من بريق ما رأت من حُلي.. يقوم العامل منحنيا لمن هذا الصندوق يا مولاي.. فترد الملكة.. وهي تنظر لمولاها نظرة لؤم لا تحمل البراءة.. تلك هي عطية الملوك.. عليك أن تفرح.. سترتدي زوجتك الفاتنة هدية الامبراطور.. يتصبب الرجل عرقًا.. فلم تعجبه كلمات الملكة.. ولا نظرات الامبراطور التي تفضح مراده..وحاول أن يستجمع كلماته ليدلل علي شكر الضيافة.. ويستأذن في أن ينصرف.. لتنتهي الجلسة علي قلق شديد.. وبات براح القصر سجنا يقتلع الضلوع.. يصعد العامل وزوجته إلى الجناح المخصص..  
وتترك الملكة طاولة الطعام غاضبة دون إذن.. يدخل سونج حجرته.. ينظر من نوافذ القصر.. وقد انتوي الهرب.. بزوجته وابنته.. وفي صمت الليل.. يحمل ابنته الصغيرة ويجر زوجته المرتعدة.. يتسلل بهما  في الظلام.. لكن كلاب القصر اوقظت ثبات الليل.  وعلا ضجيجها.. لينتبه الحراس.. وتضاء الانوار.. ويستيقظ كل من بالقصر.. وتنتهي معها حلقة اليوم علي وعد بحلقة جديدة في الاسبوع المقبل. 
دمتم في أمان الله..