تقرير دولي: مرسي لم يكن رئيسا لـ"مصر"
نشرت مجموعة بدفورد رو الدولية تقريرها الثاني عن جماعة الإخوان الإرهابية بعنوان :"التجربة المصرية مع الإخوان المسلمين في الحكم (2012-2013)"، تناول سجل الإخوان الحافل بالتناقضات والانتهازية السياسية.
حيث أكد التقرير أن الجماعة الإرهابية لم تكن في طليعة المشاركين بثورة 25 يناير ولا كانت من الفاعلين الرئيسيين بها، ولكنها كانت أكثر المستفيدين من الثورة وأول من قفز عليها، كما أشار التقرير إلي نكوص الجماعة عن وعودها بعدم الهيمنة علي مقاعد البرلمان وعدم تقديم مرشح للرئاسة، حيث وعدت قيادات الجماعة وعلي رأسها الرئيس المعزول محمد مرسي بأن الجماعة لن تحتكر السلطة، ولن تحاول السيطرة علي البرلمان، وهو ما تم التراجع عنه لاحقا بحلول أكتوبر 2011، حيث قامت الجماعة بالدفع بخمسمائة مرشح في الانتخابات البرلمانية، مما يعني أنهم تنافسوا للحصول علي 70% من مقاعد البرلمان.
استفاض التقرير في شرح عنصرية الإخوان ضد المرأة والأقباط، حيث تضمن برنامجهم الانتخابي في 2011 التأكيد علي المساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات وحث المرأة علي المشاركة بفعالية في الحياة النيابية، وهو ما يتناقض تماما مع الأفكار الحقيقية التي يتبناها الإخوان والتي تمنع المرأة من التصويت الداخلي علي قرارات الجماعة، كما أن الجماعة وذراعها السياسي "حزب الحرية والعدالة" لم يعرفا أي قيادات نسائية، بالإضافة إلي ذلك فقد عبرت قيادات إخوانية ومنها المعزول مرسي عن رفضهم ترشح امرأة لمقعد الرئاسة، باعتبار أن الرئيس يجب أن يكون رجلا لأن من ضمن مهامه العمل علي نشر الدعوة.
ويضيف التقرير: لا يختلف الحال كثيرا فيما يتعلق بالأقباط، حيث شرعت الجماعة في تهميشهم وإن ادعت غير ذلك كذبا وزورا، حيث تضمن برنامجهم في2011 أيضا تطمينات واهية للأقباط، كما وعد مرسي إبان ترشحه للرئاسة بأنه سيقوم بتعيين قبطيا كنائب للرئيس فور انتخابه، ولكن هذه التطمينات لم تكن أكثر من حبر علي ورق، كما ذهبت الوعود أدراج الرياح، فقد تواترت تقارير تؤكد استهداف الإخوان للأقباط ومنعهم من التصويت، ثم عكفت الجماعة علي تضييق الخناق عليهم مما أدي في النهاية إلي استقالة أعضاء اللجنة التأسيسية للدستور من الأقباط عام 2012، ولا عجب في كل ذلك فهو ليس إلا انعكاس لأيديولوجيتهم المتطرفة التي تنادي بالجهاد ضد "غير المؤمنين".
ورصد التقرير استهتار الإخوان بالقانون والدستور، حيث لم يمتثل مرسي لحكم المحكمة الدستورية العليا بحل البرلمان وقام بإعادته مرة أخري في تخط فج لحدود سلطته، كما قام بإزاحة النائب العام السابق المستشار عبد المجيد محمود من منصبه وتعيين آخر مكانه هو المستشار طلعت عبد الله المعروف بتوجهاته المؤيدة للجماعة، ثم وصل مرسي إلي أعلي درجات تحدي السلطة القضائية في الإعلان الدستوري الذي أصدره أواخر عام 2012 والذي أعطاه سلطات شبه مطلقة في الحكم، علي رأسها عدم قابلية قراراته للطعن عليها من الجهات القضائية المختصة. ولعل أكثر ما أثار استفزاز الرأي العام المصري هو قيام مرسي بالعفو عن مجموعة من الجهاديين المحكوم عليهم في قضايا ذات صلة بالإرهاب وباغتيال شخصيات مصرية معروفة، في دليل دامغ علي دعمه وجماعته للإرهاب.
إجمالا أكد التقرير أن حكم الإخوان قد استعدي مؤسسات الدولة المصرية المختلفة وكذلك قطاعات واسعة من الشعب المصري، كما سعي إلي "أخونة الدولة" بتعيين شخصيات ذات انتماء إخواني في مجلس الوزراء والقضاء والإعلام، فضلا عن أعمال العنف واسعة النطاق ضد المعارضين السياسيين مثل أحداث قصر الاتحادية، والعنف ضد الشيعة والأقباط في ظل نغمة إقصائية واضحة غلبت علي تصريحات المسئولين بالجماعة، بالإضافة إلي محاولاتهم المستميتة لإسكات الأصوات المعارضة في الصحافة والإعلام.
ويخلص التقرير إلي أن مرسي لم يكن رئيسا لمصر ولكنه كان رئيسا للجماعة، بالسعي إلي إحكام قبضتها علي مؤسسات الدولة المختلفة، متعمدا تهميش باقي أطياف المجتمع، كما شهدت البلاد في عهده أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخها منذ ثلاثينيات القرن العشرين، حيث وصلت معدلات الفقر والبطالة إلي مستويات غير مسبوقة، إلي جانب عدم امتلاك الجماعة لأي رؤية أو أجندة اقتصادية قادرة علي التعامل مع معضلات الاقتصاد المصري.
واختتم: بالتالي لم يجد الشعب المصري بدا من الخروج إلي الشوارع للتظاهر ضد مرسي بعد أن أصبحت البلاد علي شفا حرب أهلية، وذلك لكي يستعيد حريته ودولته في 30 يونيو 2013 بنزع الشرعية عن رئيس لم يحترم الدستور ولا القانون ولا الشعب الذي أتي به رئيسا ذات يوم.