قرار تعيين وزير إعلام جديد على مكتب الرئيس
■ قائمة المرشحين لمنصب وزير الدولة لشئون الإعلام أبرزهم: ياسر رزق وأحمد أنيس وأسامة هيكل
■ انقطعت الكهرباء عن ماسبيرو لأن موظفاً رفض شراء مولدات احتياطية بـ 3٫5 مليون جنيه
■ قائمة المرشحين لرئاسة الاتحاد تضم: أسامة الشيخ ومجدى لاشين وصفاء حجازى
■ المعلنون لا يرعون سوى البرامج التى تدافع عن مصالح رجال الأعمال ومن يحاول تقديم إعلام مهنى يتعرض لحصار إعلانى
أسرار الغضب المكتوم بين الرئاسة والإعلام
ماذا حدث حينما اجتمع الإعلام المصرى يوم 25 يناير على أن المخلوع مبارك هو أعظم رئيس فى الدنيا وأن المتظاهرين فى الشارع مجموعة من الخونة؟
ماذا حدث حينما وضع ماسبيرو كاميراته تجاه النيل متجاهلا أن الملايين يطالبون بالحرية؟
هل نجح الإعلام فى أن يمنع المصريين الإطاحة بمبارك؟
هل يستطيع الإعلام أن يحرك الأحداث فى اتجاه مختلف عن الرغبة العامة للمصريين؟
لماذا استجاب المصريون للإعلام فى 30 يونيو ورفضوا الاستجابة له فى 25 يناير؟
الاجابة على هذه الاسئلة تضع الإعلام فى حجمه الحقيقى، بعيدا عن رؤية الدولة له، وتخوفها منه فى بعض الأحيان، فالإعلام لن يحرك المصريين لإسقاط نظام دون موافقة شعبية واضحة، والإعلام ليس هذا الكائن الوحشى المخيف، لكنه ليس أيضا أداة لبسط النفوذ، أو طريقة تستخدمها السلطة لعمل تنويم مغناطيسى للمواطنين؟
فى الفيلم الفرنسى «لاكونكيت « أو الخديعة للمخرج كزيفييه دورينجيه والذى عرض خارج المسابقة الرسمية لمهرجان «كان» السينمائى الدولى ، نرى رحلة وصول ساركوزى للحكم بشكل ساخر، حيث أكد فى أحد مشاهده على لسان الرئيس الفرنسى «السياسيون جميعهم أغبياء» وفى حكى متوازى نرى ساركوزى يفقد زوجته بعد 20 عاما من حياة عائلية مستقرة فهى لا تحب السلطة ولا الاضواء وسئمت من سعى ساركوزى دائما وراء النساء واضطرا إلى عمل تمثيلية امام الشعب الفرنسى اثناء الحملة الانتخابية الرئاسية لإثبات أن علاقتهما مستقرة وهذا غير حقيقى، فبمجرد وصول ساركوزى للحكم تركته زوجته رسميا، صوّر الفيلم ساركوزى كأنه ممثل كبير على مسرح السياسة يصدقه دائما الشعب الفرنسى، وتناول ايضا الفيلم الصراع بينه وبين وزير الخارجية الفرنسى السابق على رئاسة التحالف الحاكم UNP واستخدام الكذب والخداع فى تضليل الرأى العام.
الجمهور صفق للفيلم فى قاعة «ديبوسى» الشهيرة بالمهرجان، لم ينزعج أحد ولا حتى ساركوزى لأنه يعلم أن الفيلم السينمائى لن يؤثر فيه إلا إذا كان «تافها» بحق، فى هذه الدورة حضرت «كارلا برونى» زوجة الرئيس الفرنسى، كانت ممثلة فى فيلم «منتصف الليل فى باريس» لـ«وودى آلان»، لم تشعر زوجة الرئيس بالانزعاج من الفيلم الذى يتهم اليوم الذى أصبح فيه «ساركوزى» رئيسا للجمهورية بأنه الخديعة الكبرى التى تعرض لها الشعب الفرنسى.
لا أحد يستطيع أن ينسى أن الرئيس الفنزويلى الراحل هوجو تشافيز قال فى فيلم «جنوب الحدود» للمخرج الأمريكى «أوليفر ستون».. أنت حمار يامستر بوش، عرض الفيلم فى أمريكا وحصل على جوائز وبوش كان يحكم أمريكا والعالم.
هكذا يمكن أن نقرأ مساحة الحرية فى الإعلام فى الخارج، ونرى الموضوع من وجهة نظر الإعلام الذى ينتزع الحرية ولا ينتظر أن يهبها أحد له، فلا يوجد نظام فى العالم حتى فى أعتى الديمقراطيات يمنح مساحة حرية تعبير زائدة عن الموجود، لكن مايحدث فى الغرب تحت إطار أشمل وأوسع وهو الديمقراطية.
لديك ألف طريقة للتعبير عن رأيك بحرية تعبير ولكن وفقا لقواعد ديمقراطية توفق العلاقة بينك وبين الدولة.
تعالوا نقرأ بهدوء شديد.. لو كنت رجل أعمال وتملك فضائيات كثيرة ولديك خلافات مع الدولة لأنك لم تدفع الضرائب المستحقة عليك، فقررت أن تحول فضائياتك فجأة إلى ساحة من المعارضة، حتى تجد طريقة للتفاوض مع النظام، أيهما أكثر ربحا لك؟
فى مصر فقط يحول بعض رجال الأعمال الفضائيات إلى مصاطب للدفاع عن مصالحهم الشخصية، يستخدمونها وسيلة للضغط على النظام لتمرير مصالحهم وصفقاتهم.
هل قرأت الحكومة أو الإعلاميين تقرير صندوق النقد الدولى، والمعروف أنه الأكثر انحيازا لرجال الأعمال، لقد قال إن تراجع الحكومة المصرية عن فرض ضريبة ارباح رأسمالية على البورصة قرار مخيب للآمال، ويحمّل الطبقات الفقيرة مزيدا من الضغوط، هذا التقرير صادر عن جهة متهمة دائما بأنها تنحاز ضد الفقراء، هل تتخيلوا إلى أى حد هذا القرار يؤثر على المصريين، لقد تراجعت الحكومة لأن رئيس البورصة ومعه مجموعة من رجال الأعمال شنوا حملة فى الفضائيات التى يملكها رجال الأعمال لوقف هذا القانون العادل للمصريين.
هل تعلمون أن الكثير من برامج التوك شو فى مصر تعمل لخدمة مصالح بعض رجال الأعمال، وتحولت إلى عزب خاصة للضغط على الدولة؟
من يرى المشهد أيضا من هذه الزاوية سيتخذ جانب بعض وجهات النظر فى السلطة التى تعتبر الإعلام شيطاناً يدس سمومه لتفريق المصريين، لكن تعالوا لنرى نفس المشهد من زاوية أخرى، الدولة لديها مبنى فيه 40 ألف عامل يتقاضون شهريا 220 مليون جنيه اسمه ماسبيرو، قنواته لا تأثير لها على الناس ولا تقوم بدورها فى تقديم إعلام محايد، لقد كانت بداية نهاية ماسبيرو على يد دولة المخلوع مبارك حينما أصدرت تعليماتها بأن توجه الكاميرات للنيل وسط غضب ملايين المصريين، لكن المشهد الاكثر مأساوية هو حينما انقطعت الكهرباء عن ماسبيرو لمدة 40 دقيقة، ولم ينتبه أحد إلى أن القنوات الرسمية لا يراها أحد وبالتالى لم يكتشف المصريون الكارثة إلا بعد فترة.
لقد انقطعت الكهرباء لأن المحولات تهالكت، والمولدات الاحتياطية كانت تريد صيانة، واستبدال بعض المولدات وهى عملية تتكلف ثلاثة ملايين و500 ألف جنيه، ولم يعتمد عصام الامير رئيس الاتحاد الموظف هذا المبلغ، ولم يعتمد رئيس قطاع الهندسة الاذاعية الموظف أيضا هذا المبلغ، أعنى كلمة الموظف الذى يجلس فى مجمع التحرير يتقاضى راتبه من ضرائبنا ويستمتع بتعذيبنا.
لقد انقطعت الكهرباء على اتحاد الإذاعة والتليفزيون وأصيب المسئولون فيه بالبلادة السياسية، ليس لدى أحدهم سبب يدفعه للاستقالة، فهو يعلم جيدا أنه سيتقاضى نفس الراتب نهاية الشهر ولن يحاسبه أحد.
إن العاملين فى ماسبيرو يستخدمون مصطلحات خيالية شعبية لكنها تعبر عن مدى العفن الذى وصل له، فدائما فى الطرقات تسمع جملة «المبنى ده مالوش حل غير إنهم يفجروه بالنووى...!
هناك زوايا أخرى يجب أن ننظر إليها..
لماذا شعر المصريون بالشماتة حينما انقطعت الكهرباء عن مدينة الإنتاج الإعلامى؟
ألم يكن هذا سببا كافيا كى يعيد الإعلام الخاص تقييم نفسه ويبحث لماذا يكرهه الناس؟
لقد تخلى الإعلام الخاص عن المهنية فى كثير من القضايا وتحولت المحطات إلى مصاطب ينتهك فيها القانون والدستور يوميا، بعض إعلاميى المخلوع مبارك يمارسون حريتهم فقط على ثورة 25 يناير، يطالبون باحترام الدستور وينتهكون الثورة التى اعتبرها الدستور ثورة شعب، لا يبحثون عن لم شمل المصريين بقدر مايسعون لتصفية حسابات شخصية، لأنهم تعروا أمامها وظهر نفاقهم على الملأ، يتحدثون يوميا عن الأمن القومى والحفاظ على تماسك المصريين وهم ينتهكون يوميا الأمن القومى ويثيرون الفتن، انتفخت جيوبهم من المليارات التى رصدها نظام مبارك لمحاولة العودة إلى الحياة السياسية من خلال انتخابات مجلس النواب، يدافعون عن الفساد ويكيلون بمكيالين طوال الوقت، يوزعون اتهامات الخيانة والعمالة لكل من يعتبر مبارك فاسدا أو يسميه المخلوع، فهذا الوصف يصيبهم بالهوس والجنون، وأشعر كثيرا بالاستمتاع حينما أكتبه كثيرا.. فهو الشىء الوحيد الذى يذكرنى بثورة عظيمة.
هناك نوع آخر من الإعلاميين من هواة القفز فوق الحبل، يبحثون عن مصالحهم، ويغيرون آراءهم كل دقيقة، فى بعض الأحيان يتضامن مع إرهاب الإخوان وفى أحيان أخرى تجده مباركى أو سيساوياً، هؤلاء ذكرونى بالمشهد الشهير فى فيلم سوق المتعة، هذا الفتى الذى يفرش لك سجادة الصلاة لو أردت الصلاة ويحضر لك كأس الويسكى والجميلات إذا أردت هذا.
وهناك نوع ثالث يريد تقديم شىء إيجابى ومختلف وهذا النوع لا يجد محطة تتحمس له أو معلن يرعاه، فالمعلنون يرعون فقط البرامج التى تدافع عن مصالح رجال الأعمال، إذا طالب برنامج توك شو فى مصر بعمل ضرائب تصاعدية أو ضريبة أرباح على البورصة فلن يجد معلناً يرعاه فالبرنامج يهدد مصالحه بشكل مباشر.
تعالوا نرى نفس الموضوع من زاوية أخرى....
هل الدولة بريئة مما يحدث؟
بالتأكيد لا.. بادئ ذى بدء شكرا عزيزى المصدر السيادى لقد تسببت فى ضرب سمعة إعلام وصحافة فى دولة عمرها عشرات السنين، لقد تسببت برواياتك الخيالية فى تحويل الإعلام المصرى إلى أراجوزات يضحك عليهم العالم كله، لقد قررت أن أقاطع أى خبر نقلا عن مصدر سيادى غير معلوم، والإعلامى يلجأ لهذه المصادر المجهلة لأن الدولة دائما تحجب عنه المعلومات، فليس من الطبيعى أن نعرف أن مصر تشارك فى عاصفة الحزم من قناة العربية، وليس طبيعياً أن نستمد معلومات استراتيجية تخص مصر والمصريين من تويتات فجر السعيد.
الدولة لم توفر أى معلومات للإعلاميين، والحكومة لا توفر شيئا، حتى المتحدثين الإعلاميين لكل وزارة لا يردون على التليفون، ليست هناك آلية للتواصل بين مؤسسات الدولة ووسائل الإعلام، كل مايقدم فى وسائل الإعلام هو اجتهاد شخصى، هناك بعض الجهات فى الدولة تعتبر أن الإعلام أداة لفرض توجهاتهم، هناك حديث عن تدخل فى المطابع، وقطع الإرسال عن برامج، الدولة ليست بريئة من منع باسم يوسف وريم ماجد وغياب يسرى فودة.
الدولة مسئولة عن وضع ضوابط تحكم طبيعة العلاقة بين الإعلام والمؤسسات، ضوابط تجبر المسئول عن إتاحة المعلومة، وتمنع تعارض المصالح مع الإعلامى، وتقف أمام الاحتكار ومحاولة لى ذراع الحكومة فى قرارات ضد الشعب.
الآن ينتظر الجميع سيناريو من اثنين، إما تعيين وزير للدولة لشئون الإعلام أو تفعيل مشروع المجلس الوطنى للإعلام، فى السيناريو الأول هناك أربعة أسماء مرشحة منهم الكاتب الصحفى ياسر رزق واللواء أحمد أنيس وأسامة هيكل وهناك اسم رابع غير متداول يتحدثون عنه فى الكواليس، وهناك أربعة أسماء مرشحة لرئاسة اتحاد الإذاعة والتليفزيون ومنها المهندس أسامة الشيخ ومجدى لاشين رئيس قطاع التليفزيون وصفاء حجازى رئيس قطاع الأخبار وهناك أيضا اسم رابع غير معلوم، وجميع من تم ترشيحهم لرئاسة الاتحاد ليس أمامهم سوى سيناريو واحد وهو إعادة الهيكلة لذا فالأقرب هو المهندس أسامة الشيخ.
السيناريو الثانى هو المجلس الوطنى للإعلام الذى سيقوم تقريبا بدور وزير الإعلام، ولا تعارض بين السيناريوهين، فيمكن تكليف وزير دولة لشئون الإعلام بصفة مؤقتة حتى يتم تشكيل المجلس الوطنى للإعلام.
فى النهاية الدولة تحتاج الآن إلى وزير إعلام أو مجلس وطنى للإعلام دوره التنسيق بين مؤسسات الدولة والإعلام، وتنظيم الإعلام الحكومى والخاص، دوره هو إعادة الهيبة والقوة إلى الإعلام المصرى ليس المنع أو المصادرة، لقد نجحت الدولة المصرية فى استعادة هيبتها بعد ثورة 30 يونيو، ونتمنى أن يستعيد الإعلام هيبته ووقاره ومصداقيته التى تهان يوميا، وكل هذا لن يتم إلا بتوفير المعلومة والحرية ومنع الاحتكار وتعارض المصالح.