تعرف على حكم "التسبيح" باليد اليسرى
أجابت لجنة أمانة الفتوى بدار الإفتاء المصرية، عن سؤال حول حكم التسبيح باليد اليسرى، بقولها،: الأصل في اليد اليسرى في الوضع اللغوي، أنها لمعونة اليد اليمنى، ومن هنا جاء اشتقاقها من اليسر وهو بمعنى السهولة.
وقد جاء الأمر من الله -تعالى- في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة بالتسبيح على وجه الإطلاق، ليشمل جميع الأوقات والأحوال والكيفيات، كما جاء الأمر في السنة النبوية بالتسبيح بعددٍ معين في بعض المواطن ولم يعين للناس كيفيةً لضبط العدّ كَيْ يلتزموا بها وجوبًا دون غيرها، بل جاءت الأحاديث النبوية والآثار عن الصحابة الكرام بالعدِّ بمختلف الكيفيات.
وقد جاء في السنة النبوية الشريفة النصُّ على استعمال النبي -صلى الله عليه وسلم- لليد اليسرى في عدِّ آيات القرآن، والقرآن هو أفضل الذكر.
فعن أم سَلمَة -رضي الله عنها-: "أَن النَّبِي -صلى الله عليه وسلم- كَانَ يعد "بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم" آيَةً فاصلة، "الْحَمد لله رب الْعَالمين الرَّحْمَن الرَّحِيم مَالك يَوْم الدّين" وَكَذَلِكَ كَانَ يقرؤوها، "إياك نعْبد وَإِيَّاك نستعين اهدنا الصِّرَاط الْمُسْتَقيم إِلَى آخرهَا سبع، وَعقد بِيَدِهِ الْيُسْرَى وَجمع بكفيه".
ولقد خَصَّت السنة النبوية الشريفة استعمالَ الأنامل في ضبط العدّ بالذكر، فإنهن مسؤولات مُستنطَقات ضِمْن ما يشهد للإنسان أو عليه من أعضائه يوم القيامة، وذلك فيما أخرجه أبو داود والترمذي من حديث يُسَيْرَةَ -رضي الله عنها- وَكَانَتْ مِنْ المُهَاجِرَاتِ - أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "عَلَيْكُنَّ بِالتَّسْبِيحِ وَالتَّهْلِيلِ وَالتَّقْدِيسِ، وَاعْقِدْنَ بِالأَنَامِلِ فَإِنَّهُنَّ مَسْئُولَاتٌ مُسْتَنْطَقَاتٌ، وَلَا تَغْفُلْنَ فَتَنْسَيْنَ الرَّحْمَةَ"، والأمر في هذا الحديث الشريف أطلق الأنامل ولم يخصصها بإحدى اليدين دون الأخرى، والأمر إذا جاء مطلقًا عمَّ بالتناول جميع كيفياته.
والذي يشير إليه هذا الحديث الشريف هو أنه كلما كثرت الأعضاء المستعملة في هذه العبادة كان أفضل، لتكثير ما يشهد له من أعضائه يوم القيامة، كما أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" عَنِ امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي كُلَيْب قَالَتْ: رَأَتْنِي عَائِشَةُ أُسَبِّحُ بِتَسَابِيحَ مَعِي، فَقَالَتْ: "أَيْنَ الشَّوَاهِدُ!" تَعْنِي الْأَصَابِعَ.
وهذا الكلام يتَّسق مع ما ورد من كثيرٍ من الكيفيات في مختلف العبادات من استعمال اليد اليسرى فيها كاليد اليمنى، وذلك كرفع اليدين في الدعاء، واعتبارهما معًا من الأعضاء السبعة التي يجب السجود عليها، ووضعهما على الركبتين أثناء الركوع، وعلى الفخذين أثناء التشهد، وكقراءة القرآن والنفث فيهما ومسح البدن.. إلى غير ذلك من مختلف أنواع العبادات والهيئات داخل الصلاة وخارجها.
وعليه: فاليدان وسيلةٌ لضبط العدّ، ويجوز للمسلم الاقتصار على اليد اليمنى في التسبيح، وكذلك اليد اليسرى، وله استعمال اليدين معًا ويُستحب له البدء باليمنى، وليس لأحدٍ أن يُنكِرَ على أحدٍ في ذلك، فالأمر فيه واسع،والله -سبحانه وتعالى- أعلم.